المعلم هو النور الذي يضيء دروب العلم، واليد التي تبني الإنسان قبل أن تبني المعرفة. إنه المرشد الذي يسير مع الطالب خطوة بخطوة نحو المستقبل، يوجهه، يعلمه، ويربيه. المعلم لا يقدم المعلومات فقط، بل يزرع القيم، ويغرس الأخلاق، ويصنع من الطفل شخصية مستقلة قادرة على التميز.
يحتل المعلم مكانة عظيمة في المجتمع، لما له من دور محوري في تنشئة الأجيال وصقل عقولهم. فهو الذي يزرع في نفوس طلابه حب التعلم، ويحفزهم على الإبداع والتميز، ويحول الفصل الدراسي إلى بيئة محفزة للنمو الفكري والسلوكي.
المعلم قدوة يُحتذى بها، فهو أول من يتعلم منه الطفل النظام والانضباط والاحترام. ولذا فإن شخصيته وأسلوبه في التعامل لهما أثر بالغ في تشكيل بيئة الصف وسلوك الطلاب. إن كلمات تشجيع منه قد تغير حياة طالب إلى الأفضل، بينما اهتمامه قد ينقذ طالباً من الفشل أو الانعزال.
ولا يقتصر دور المعلم على الجانب الأكاديمي فقط، بل يمتد إلى الإرشاد النفسي والاجتماعي. فهو أحياناً يكون صديقاً، ومرة أخرى يكون أباً أو أماً، يحنو على طلابه، ويشعر بمشاكلهم، ويبحث عن حلول لهم، فيجمع بين الصرامة والرحمة، وبين الحزم والتفهم.
كم من عالم، وطبيب، ومهندس، ومبدع في مجاله، وقف خلف نجاحه معلم مؤمن بقدراته، قدم له الدعم والإلهام في الوقت المناسب. فالمعلم هو حجر الأساس لكل نجاح، وكل أمة تنهض بعقولها، لا تنهض إلا بالمعلم أولاً.
ولهذا السبب، فإن تكريم المعلم لا يجب أن يقتصر على مناسبة واحدة، بل يجب أن يكون طوال العام من خلال الاحترام، والتقدير، وتوفير بيئة مناسبة له، ودعمه مادياً ومعنوياً، لأنه يقدم أعظم رسالة في الوجود.
وقد كرّم الإسلام المعلم ورفع من شأنه، وأول ما نزل من القرآن كان دعوة للعلم: "اقرأ"، وهذا يدل على أن أمة الإسلام أمة علم ومعرفة، والمعلم هو حامل هذه الرسالة العظيمة.
وفي نهاية هذا التعبير، يجب أن نوقن أن المعلم هو اللبنة الأولى في بناء أي مجتمع ناجح. فهو الذي يزرع، ويروي، ويتابع، حتى يرى الثمار ناضجة. فلنحترم معلمينا، ولندع لهم دعوة صادقة في ظهر الغيب، لأنهم يستحقون كل خير وتقدير.